القدس إلى أين
نسي المسلم ارض فلسطين
نسي فعل مبني فوق جدار الذلة والتهميش والفاعل مستر في دولة الصهيون
المسلم مفعول كلا مكبول في محاكم التفتيش
ارض فلسطين ظرف مكان مجرور عفوا مذبوح منذ سنين
]
لست أدري كيف أبدأ ، ولا من أين أبدأ ، فعند الكتابة عن الأقصى ، تتعثر الكلمات ، وتلاشى العبارات ، وكيف لي أن أكتب بقلمي ؟ والواجب يُحتِّمُ عليَّ أن أكتب بدمي ، وأكادُ أُبالغ إن فكرتُ أن أعصر قلبي ، لِأجعل من خلاصة الدم حبراً أُزَوِّدُ به قلمي الجريح ، لأسطر به حروفا ، علّها تُعبِّرُ عما أراد به وجداني ، الذي يخنقه الهم والحَزَن .
علّ هذه الحروف الممزوجة بحبر قلمي ، وعَبراتِ عيني ، تلامسُ قلوبا أسرتها الدنيا بشهواتها ، ومتاعها ، وملذاتها ، وشغلتها عن تلبية واجب الدين ، وصرفتها عن الإستجابة لصرخات المسجد الأقصى ، الذي يئن صباح مساء ، حزنا وهما وكمدا وقهرا ، على ما آل إليه في هذا الزمان ، من ذل وهوان ،وتدنيس وامتهان ، على يد الظلم والطغيان ، اليهود والأمريكان ، والكفار والأعوان ، متناسين قدسية الأقصى في القرآن ، ومكانته عند الملك الديان ، كيف لا وقد شرفه بمباركة المكان، يقول رسول الله(صلى الله عليه وسلم): "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لعدوِّهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم ولا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله وهم كذلك، قالوا يا رسول الله وأين هم؟ قال: في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس".
لقد اقترن اسم المسجد الاقصى بسيدنا آدم من حيث أقدمية البناء ، لما في حديث الصحيحين عن آبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: (قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول قال: المسجد الحرام. قال: قلت ثم أي؟ قال: المسجد الأقصى. قلت: كم كان بينهما؟ قال: أربعون سنة. ثم أينما أدركتك الصلاة بعد فصل فان الفضل فيه) .
وكذلك تردد ذكر المسجد الأقصى مع نبأ ، إبراهيم وموسى وعيسى وزكريا ويعقوب وسليمان ومحمد صلى الله عليه وسلم .
وازدادت قداسة المسجد الأقصى بكونه أولى القبلتين ، فكان قبلة الأنبياء جميعا قبل النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو القبلة الأولى للنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يتم تغيير القبلة ، وكان وجود الأصنام في البيت الحرام سبباً قوياً لانصراف المسلمين في صلاتهم تجاه بيت المقدس حتى أذن لهم سبحانه بالتوجه إلى المسجد الحرام، روى الطبري في تاريخه عن قتادة قال: «كانوا يصلون نحو بيت المقدس ورسول الله، صلى الله عليه وسلم بمكة قبل الهجرة، وبعدما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، صلى نحو بيت المقدس ستة عشر شهراً ثم وُجه بعد ذلك نحو الكعبة (البيت الحرام)«. قال تعالى : (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول) .وتوثقت علاقة الاسلام بالمسجد الأقصى بعد رحلة الاسراء والمعراج ، حيث حيث أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ،وصلى فيه إماما بالأنبياء ، ومن ثم أعرج إلى السماء ، وفي معراجه من المسجد الأقصى بيان لأهمية هذا المسجد ، وفي السماء العليا ، فرضت الصلاة ، في دلالة واضحة ، على عظم المكانة التي يحظى بها المسجد الأقصى من خلال ربطه بالمسجد الحرام ، أفضل المساجد على وجه الأرض ، وربطه بأهم فريضة وهي الصلاة .
قال تعالى ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ) الاسراء "1" ووصف الله للمسجد الأقصى ب "الذي باركنا حوله" يدل على بركة المسجد ومكانته عند الله وعند المسلمين. فالأقصى هو منبع البركة التي عمت كل المنطقة حوله.
ويعتبر المسجد الأقصى هو المسجد الثالث الذي تشد إليه الرحال، فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم ان المساجد الثلاثة الوحيدة التي تشد اليها الرحال هي المسجد الحرام، و المسجد النبوي والمسجد الأقصى.
قال صلى الله عليه وسلم: {لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى} .وروي عن أم المؤمنين أم سلمة ا أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
منْ أَهَلَّ بِحَجَّة أوْ عُمْرَة من المسجد الأقصى إِلى المسجد الحرام غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر" (سن أبي داود)
وبعدما تمتع المسجد الأقصى بهذه المكانة، في ظل الاسلام ، مرت السنون والأعوام ، ليسقط أخيرا في قبضة شرذمة الأنام ، ليعاني ما يعاني من الأسقام والآلام ، والمسلمون في سباتهم نيام ، يؤملون خيرا في دعاة الانهزام ، يعولون على الحكام ، الذين يهرولون ويلهثون وراء السلام ، في الوقت الذي يسمعون فيه ، الأقصى الجريح وهو يئن ويستجير ، وهو يصرخ فى المسلمين واإسلاماه .. واإسلاماه .. وا إسلاماه .. لكن من يجيب ؟!! من يجيب ؟!! القدس يصرخ .. لكن من يجيب